الاغتصاب الزوجي – رمضان 2021 – مسلسل لعبة نيوتن

بعد انتهائي من مشاهدة الحلقة 26 من مسلسل “لعبة نيوتن”، وقفت مرتاعة، ليس فقط لما تعرّضت له بطلة القصة “هَنا” من عُنف صريح وانتهاك، ولكن المُخيف أكثر كان سلسلة ردود الأفعال المروعة التي أصبح من المعتاد مواجهتها هذه الأيام، فالناس لم تكتفِ بغضّ البصر عن جرعات الأذى في حياتنا اليومية في معظم بيوتنا العربية، بل عندما يأخذنا أحد من إيدينا ليُرينا ما نتحاشاه جهلاً أو خوفًا أو لا مبالاة، يظل لدى أحدهم الجراءة الكافية أن يستهزيء بحقيقة صادمة “كالاغتصاب الزوجي” ويبحث له بأريحية عن مبّررات.

ولكنّي قررت ككل مرة أن أترك صفوف الزومبي – الجُثث المتحرّكة– التي تعُمّ حياتنا، وأجاهد مشاعر الغثيان والإحباط وأكمل من أجلنا، لمن يُقدَّمون كضحايا يوميًا قربانًا للمجتمع، نُكمل من أجل مَن لا يعرفون، أو يعانون من إلتباس المبادئ والإنسانيّات نتيجة التربية الخاطئة للمجتمع وغسيل المخ منذ سنوات.

لنعُد للأساسيات إذن:

– لأ انت مش فاهم يا Ze ، ده بيقدّرني وبيحترمني أوي أوي

= هَنا، العادي إن الناس تحترم بعض!

– لأ مش ده العادي، أو أنا يعني مش متعوّدة على كدة!

ببساطة إجابة “هَنا” تخبرنا أين نقف بالضبط .. فالحقوق الإنسانية المشروعة مطموسة هنا في مجتمعنا الظالم أهله، وما يُعتبر بديهي وطبيعي وإنساني أصبح مثار للانبهار والإعجاب.

فحينما كانت “هنا” تواجه مصاعب نفسيّة كثيرة نتيجة خروجها من تجارب عصيبة، اعتبر المشاهدين أن عدم “إجبار” مؤنس لها على أي علاقة زوجية\جنسيّة هو تفضّل منه وصبر يستدعي الإشادة، بينما هو ألف باء الإنسانيّة والعلاقات الطبيعيّة!

ليه؟ لأن الزواج ببساطة هو علاقة إنسانية بين طرفيْ معادلة، متساويين فيها، مبنية على الرضا وأركانها احترام ومحبّة ومودة في كل شيء .. أي أنها ليست وجه آخر لتفريغ الرغبات المكبوتة وممارسة الجنس في اطار شرعي وقانوني “أصل هيقولوا علينا إيه”.

ولكن مفهوم الزواج والجنس مشوّهين جدًا في مجتمعنا، ويتّضح ذاك التشوّه في الأعمال الدراميّة وعبر وسائل الإعلام، فمثلاً في مشهد نُواح الزوج “حازم” لعدم استطاعته معاشرة زوجته فترة الحمل الأولى بسبب حالتها الصحية، هذا التذمر كان صادر من الرجل فقط، كأن الزوجة “يا جبل ما يهزك ريح”، بل أن حوارهم كان عبارة عن إشفاق وإنه “معلش بقى استحمل”.

الحقيقة أن لا “هَنا ولا حازم” ولا كتير من الناس تعرف أن العلاقة الجنسية لا تقتصر على الإيلاج، بل هناك طرق كثيرة للتواصل الجنسي والاستمتاع للطرفين، ولكن بالطبع “تُمارسها البلاد الكافرة الشريرة”، لكن إحنا شعوب مؤمنة عندها الاخذ بالعافية بس.

فـ “مؤنس” مع أول غضبة لكرامته ورغبة في إثبات سطوته، قرّر انتهاك زوجته بينما تتعالى صرخاتها واستعطافاتها! مفجّرًا من جديد قضيّة “الاغتصاب الزوجي” المسكوت عنها والتي حاول الكثيرين التنبيه لها مؤخرًا..

“الإغتصاب” لمن لا يعرفونه، هو أحد أنواع الاعتداء الجنسي على شخص دون موافقته، ويُستخدم فيه القوة الجسدية أو الإكراه وغيره حيث تنعدم قدرة الشخص في اتخاذ قراره بالموافقة الواضحة… و”الإغتصاب الزوجي” هي كل ما سبق ولكن حاصل على شرعية دينية وقانونية ومجتمعية، كأن عقد الزواج هو شيك على بياض يحق من خلاله للزوج عمل أي شيء في الزوجة.

عندهم أنت متزوج إذن ستمارس الجنس في أي زمان ومكان حتى لو كانت شريكتك في هذا الزواج غير موافقة، وإبداء الرفض هنا يكون بأي شكل سواء بقول “لا” صريحة، أو بتعابير أخرى، أو رفض صامت بسبب تخويفها بالدين أنها ملعونة إذا لم تستجب له، أو تهديدها بالفضيحة أمام عائلاتها والجيران، أو بابتزازها عاطفيًا واقتصاديًا، أو معتمدًا على خجلها، أو خوفها من الضرب والإهانة.

بينما في العالم كله والمنطقي والطبيعي إهتمام الشريك بمعرفة شعورك في بداية ووسط وحتى نهاية العلاقة الجنسية، ومتابعة حركة جسدك وطريقة تعبيرك في علاقة حميمية كتلك، بالإطمئنان عليك، هل أنتِ بخير؟ هل تشعرين بالمتعة؟… أصلها مش مسابقة، والسكوت مش علامة الرضا زي ما ضحكوا علينا زمان.

“هَنا” ككثيرات يجدن أنفسهن في علاقة زوجية يؤصّل فيها المجتمع الشر بإعطاء السلطة المطلقة للرجل وتبريرات لا حصر لها لتصرفاته، فهنّ معرضات للضرب والإهانة والإغتصاب لو رفضوا النوْم مع أزواجهنّ لأي سبب… ولسنا بصدد النقاش في أسباب الإمتناع لأن مفيش مبرر في العالم يسمح لإنسان أنه يتخلى عن مكانته في عالم البشر ويتحوّل لحيوان يجبر شريكته على المعاشرة بكل الوسائل.

كان من المؤلم بعد تجربة الإعتداء المريرة لجوء”هَنا” منهارة لطليقها – شخص مؤذي آخر في حياتها -، لأنه ببساطة حتى لو حاولت الإستنجاد بأي أحد حولها ستجد الأقاويل الجاهزة “وفيها إيه؟ دة جوزك! فين بقى الإغتصاب، هو فيه زوج بيغتصب مراته يعني؟ .. دي حلاله!!” لكن هل مفهوم الحلال في المطلق يُتيح له التصرف بهذا الشكل الوحشي العنيف أيًّا كانت أسبابه؟

ولو كانت فكّرت في اللجوء للقوانين ستكتشف عدم مقدرتها على تحرير محضر، فالقانون لا يُعاقب الزوج إلاّ بعد إثبات الطب الشرعي أن هناك إصابات خطيرة وإلاّ تصبح مجرد شكوى لأنه لا يوجد قضايا من هذا النوع في الأساس… حيث يعتمدون على “دين ما” ليس هو ذاته الإسلام الذي كان رسوله يحدّثهم عن الرقّة في معاملة الزوجة، وأنه لا يجب أن تعاشرها كالبهيمة بل باللين والكلمات الحلوة والقُبلات.

وإن اختارت الزوجة اللجوء للحل القانوني الوحيد وهو الخُلع لكي تُبعد هذا الأذى عنها، فإن مجتمعنا يعاقبها مرّتين، الأولى عندما عانت هوْل الإغتصاب، والثانية عندما أجبرها القانون على التنازل عن جميع حقوقها المالية الشرعية، بدون ذرة عقاب للزوج المغتصب.

أما من لا تملكِن رفاهية الخلع، فإنهنّ يكملن حياتهن غارقين في مشاعر الذل والإنكسار، الإهانة، والإنتهاك والأضرار النفسيّة الأخرى نتيجة إجبارها على هكذا علاقة مؤذية فقط ..بينما ألف باء أي علاقة عاطفيّة\جنسيّة\إنسانيّة هو التراضي الكامل بين الطرفين!.

#حصيلة_دراما_رمضان٢٠٢١

#لعبة_نيوتن

#علاقات_مسيئة

#مجتمع_ذكوري

#الاغتصاب_الزوجي

#الاغتصاب_الزوجي_جريمة

نشرت على صفحة Superwomen من هنا:

https://www.facebook.com/Superwomenstory/posts/pfbid02SBpyrkqhybLKpWT8amPNxkQMHHcjTJBE42yGaeWRpWbDZP6GiULbaQkntXKCy3K2l

Leave a Comment