سائق التاكسي – قصة رعب قصيرة

أحاول بصبر في جو حار لزج البحث عن سيارة في هذا الوقت المتأخر .. ولكن على ما يبدو أن المشوار “مش محرز” لهم فيظل تطبيق خدمات النقل الخاص يدور ويدور باحثًا عن سائقين.

كم مر وقت يا ترى.. لا أعرف .. وسط زفرات عصبية وتبديل على كل ساق مجهده بعد يوم عمل نحس من أوله…

أخيرًا يستجيب أحد السائقين لطلبي وتظهر أمامي بياناته على الشاشة “السائق محمد محمد” ..

اللعنة أعليّ الانتظار ١٠ دقائق أخرى ليصل إليّ؟

.. أنظر للشاشة في غل .. أريد أن أُغمض عيناي لأجدني في البيت .. تبًا، لمَ كان عليّ الذهاب لهذا الأوردر العجيب اللي في آخر ما عمّرالله لمجرد أنني اريد اثبات مهارتي للمدير، أين هذا المدير الآن في هذا المكان المُقفر .. لأتحمّل القليل فقط على أمل الا تتصّدر صورتي صُحف الغد مع عنوان “إيه اللي وداها هناك!”

يصلُ السائق أخيرًا وأتمنى أن يكون هو المنشود في الأبليكشن وإلاّ سأبيت في التُرب! ..

أفتح الباب سريعًا مُلقية نفسي على الكنبة الخلفية وأُطالبه بتشغيل المكيف قبل أن ألفظ انفاسي الأخيرة من الكتمة والتلزيق..

انشغل في تنشيف العرق والاعتدال في جلستي وسط أكوام حاجياتي.

“انتبه لصوت أم كلثوم وقد بدأت في غناء “فات الميعاد”
أتمتم I know! Right?

لم أُعارض .. فأغانيها مع الليل وصوت إطارات السيارة مساء وهي تُلامس الاسفلت تضعني في حالة من .. ليس هدوء .. ولكنه حالة من الشجن الرفيق بالقلب…

أُحاول جاهدة ألاّ أسقط نائمة ككيس جوافة.. يجب أن اكون منتبهة للطريق ليلاً .. هكذا هي مؤشرات الحذر والقلق لدينا.. تعمل بكفاءة وبدون انقطاع.. برمجة تتذكرها اجسادنا حتى لو حاول عقلنا النسيان.

جفوني ثقيلة .. تحين منّي نظرة نحو المرآة الامامية للسائق فلا أراه فيها .. وتذكرت أنني لم أنتبه لشكل وهيئة الرجل قبل ركوبي.. تبًا .. ولكنه يبدو أليفًا .. لا يوجد مجرم يسمع أم كلثوم مساءً يعني!.

كم تبقى لأصل لوجهتي؟ .. أزفر وأنظر للخريطة التي أصابتها لوثة تعطي بياناتٍ ثم لا تلبث أن تُغيّرها ثم تُعدّل الطريق..

لأصمد قليلاً بعد.. هاهيَ معالم منطقتي تتضح من بعيد .. أخيرًا أصل .. أُعطي السائق نقوده بناءً على ما حدّده الأبلكيشن.. أُلملِم حاجياتي بعشوائية وأخرج مغلقة الباب برجلي مع كلمة شكرًا .. مع السلامة ولكني لم اتلقَ اجابة.. يبدو ان الرجل مش طايق نفسه هو كمان في هذه الأجواء الجهنميّة!

أدخل بيتي وأُلقي كل شيء على الأرض وأسير كمنوّمة مغناطيسيًا للحمام لأخذ دش سريع..

في محاولة لتهدئة الزحام في دماغي.. أُلقي بنفسي على السرير وأُسلّط عليّ المروحة التي تبذل قصارى جهدها في القيام بدورها مشكورة في تحريك الهواء “الساخن” !

يرن هاتفي.. رقم لا أعرفه..


– ألو؟
– أنا جيت!
– جيت فين؟.. مين معايا؟
– مش إنتي طلبتي عربية توصّلك للمعادي دلوقتي؟
– معلش لحظة بس .. انا فعلا طلبت رحلة وركبت ووصلت .. حضرتك ايه بقى؟
– وصلتي!! طيب حمد لله على السلامة (بلهجة مَن يمنع نفسه من الخروج من السماعة ليُطبق على عُنقي).. “معلش الغي بقى الرحلة لأن كل ما كابتن يكنسلها بيتم تعيين كابتن جديد”.. وقفل.

كابتن جديد إيه! .. ورحلة إيه اللي أكنسلها؟
فتحت الأبلكيشن لقيت فعلاً فيه رحلة قيد التنفيذ.. ضغطت cancel واتسحبت مني فلوس الالغاء .. غريبة!!

دخلت على سجل الرحلات لعمل شكوى أن لا ذنب لي في مبلغ الغرامة .. فعلى ما يبدو هناك خطأ ما.

لأجد أمامي آخر رحلة فيه كانت صباحًا ثم تلك التي ألغيتها منذ لحظات.

ابحث في أنحاء الأبليكشن عن أي اثر للبيانات السائق الذي عُدت معه ليلاً أو حتى تكلفة رحلة العودة .. بلا جدوى

“!طيب أم كلثوم طيب”

لاء لاء .. بُص ..بُكرة بُكرة .. أنا تعبانة … لتسقط غارقة في النوم

Leave a Comment