لكل الأصدقاء الخياليين

بالتفكير في علاقة صداقاتي .. أجد أنها صداقات طويلة الأمد رغم الصعوبات والظروف ..

قد يكون ذلك بسبب أنني لا أفقد الأمل فيهم بسهولة، ولأني أعتبرهم الضلع المهم في الحياة.

ولكن بشكل ما بقيت بلاحظ إني تقريبًا متعوّدة على “الصديق الخيالي” مش قصدي إنهم مش موجودين واقعيًا، لاء موجودين وبشر … مش ألاعيب دماغ الحمد لله😁 … ولكنهم علاقات من بعيد لبعيد

كمثال ليس الحصر، أول صديقة ليا خالص، سافرنا بعيد عن بعض غصب عننا من 22 سنة، بلا معجزة للبقاء سويًا .. جربنا كل الطرق للتواصل، من أول الخطابات الورقية اللى كانت بتستغرق أسابيع للوصول لحد أحدث تكنولوجيا حالية.

وأقيس على دا بقى كل صداقاتي، دايمًا إحنا بعيد .. دايمًا فيه مسافات ووقت وطاقات كبيرة بتُبذل علشان نشوف بعض … مفيش حد قريب لحظة ما تقع يبقى موجود فيسند في ساعتها.

ساعات هما بيختفوا … وأنا أتعلّمت الاختفاء كمان.

بيبقى معايا الذكريات اللي مالية دماغي كإني بغطس في حفرة عميقة من الذكريات .. موجات مهولة منها .. بتدفّي شوية وبتكسر اكتر.

وأنا التي لا أنسى – ودي لعنتي – فبلاقي نفسي عايشة بشعور غريب …

هو أنا كنت أعرف فلانة؟، هو أنا تعاملت مع فلان؟ هوّ فيه حد بالأسماء دي؟ هل فيه حد بالصور دي؟ هل فعلاً حصلت الذكريات دي … هل الحاجات دي حقيقية مش قاعدة دماغي تألف فيها علشان وحيدة؟

طيب لو هي ناس حقيقية … ليه مفيش حاجة بتحصل؟ ليه بقت علاقاتي كلها من بعيد .. من بعيد أوي … ناس مش معايا في نفس البلد أصلاً/ مش معايا في نفس المحافظة/ مش معايا في نفس المنطقة/ مش معايا وخلاص لأي سببٍ كان.

ليه بناخد قرون في التجهيز للقاء؟

ليه مينفعش لقاءات سريعة حتى لو خدت بس ربع ساعة، اه والله، في نص مشوار لأي حاجة نتقابل، مجرد نسلم على بعض ونتأكد إن عيوننا شافت بعض ونبتسم ونمشي … ليه بيسيبوا شهور وسنين تُمر لمجرد أنها فكرة عبيطة من وجهة نظرهم؟.

تعلّمت إن حياتي يبناسبها أكتر التعامل من ورا شاشة الكومبيوتر، والتسجيلات الصوتية علشان نعطيها مفهوم قُرب لإن القرب الفعلي بيكسرنا لما بنكتشف إننا مش موجودين “فيزيكالي”، وأن قلوبنا معلّقة بناس مش موجودة ومش هتبقى موجودة.

كان دايمًا عندي طاقة بتضرب في الفراغ، إني أدور على صحابي وأقولهم نتقابل وأزنّ، وأحاول أقرّب المسافات وأسافر لهم مُدنهم وحتى بلادهم البعيدة بالطيارة ..

عايزة أسمعهم بوداني فعلاً، ألمسهم بإيدي، نضحك فعليًا، ونتعامل واقعيًا، أشوف عيونهم وأسمع حكاياتهم.

بس فجأة انطفت جوايا المقدرة دي وبقيت فعليًا مش قادرة أتعامل غير من خلال الشاشات…

بقيت من جوّة تقيلة ومطفية وبجرّ نفسي جر علشان أقابل البشر، رغم إنهم بيوحشوني أوي، أوي أوي وعيوني بتدمع من فكرة إننا مش بنتقابل .. بس بقيت مش قادرة أقابلهم، أهلكني البُعد… ولم أعد أصدّق في الأبدية.

لكل الأصدقاء الخياليين، سلام طيبًا ومحبة تقطع المسافات والبحار وفروق التوقيت، وتقضي على الوقت، وجسور الوجع والكآبة..

أحبكم ❤

ملحوظة: الصورة دي بتاعتي فعلا، كانت ليا مع أصدقائي، فكرنا إننا نترك ضلنا هناك على حائط المدينة اللى سَرقت قلبي “بيبلوس/جبيل” بلبنان على أمل اللقاء فعليًا يومًا ما.

#أمنية_تحكي

#الصداقة_عن_بعد

#صداقة#علاقات#افتقاد

Leave a Comment