لم أكن أعرف أن هناك أشكالاً متعددة لألم الفقد.. ظننتهُ فقط يحدث عندما يمو.ت شخص عزيز، أو يبتعد عنك بسبب سفر طويل.
ولكني اكتشفت أن هناك مَن يتحدث عن الحزن والكآبة من الانتقال لبلد أخرى ومدينة أخرى وبيت آخر… وهذا الفقد يُصاحبه ألم شديد.
رغم تعوّدي على فكرة أنني طوال الوقت كنت مسافرة، غير مستقرة في بيت واحد، ولا في مدينة واحدة ولا مدرسة واحدة، بل في كل سنة كان أصدقائي ومعارفي يتغيّرون بتغير حالهم وحالي.
ليس لي جذور ضاربة في الأعماق في مكان ما، ليس لي سوى حقيبة ظهري الممتلئة بالذكريات – خليط ملوّن من ذكرياتي التي لا تُشابه أحد، – وما تعلّمته وكوّنته بداخلي من قيَم ومبادئ ومحبة للبشر جميعًا، حينما أعتدت العيش وسط جموع مختلفة اللون والجنس والدين والجنسية والأفكار، يجمعنا فقط الإنسانية.
أيْنما ذهبت أظل كما أنا، حقيقة ثابتة، “غريب في أرض غريبة”.. لذا ساتأقلم وأعيش.
لا حنين ولا شجن .. لا بكاء طوال الليل .. الجميع راحلون ..حتى أنا رحلت عن أراضي وأماكن حفظتها عن ظهر قلب.
ولكن أخيرًا تخبّطتني المشاعر، غُصة تُوجع روحي، قلبي يملأه الخذلان والإحباط ، لا أعرف كيف يمكن التأقلم في مصر، ولا أعرف كم من السنوات من المفترض أن أعيشها لأستطيع التعامل بسهولة وهدوء…
تُرى هل فقدت طُرقي السحرية؟
هل تقطّعت حقيبة ظهري فتسرّبت منها الذكريات؟
هل كبِرت وشاخت روحي؟
أم هو فقط .. الفَقد.
لقد فقدت جزءً كبير منّي هناك .. في تلك البلد البعيدة .. ورغم كل محاولاتي مش قادر المكعب بتاعي يركب في “البازل المصري”، أطرافي تتكسر وتُحرق مع كل محاولة تشبيك.
مللتُ من كوني” الغريب” .. أرغب في وضع حِملي والوقوف أمام زهوري المكافحة التي نثرتها هنا وهناك لأراها تنمو، لتُطمئن قلبي الخائف، وتُربِت على روحي الحزينة.. فتكون هيَ وطني الذي أنتمى له وينتمي لي.
Leave a Comment