العيش كـ ظل

في الدراما يتم تصدير صورة “الوفاء” في أن تظل الفتاة مع زوجها/أمها/والدها طوال فترة مرضه، سواء كان هذا مرض جسدي مزمن لا يُرجى شفائه، أو مرض نفسي، أو مرض عقلي.

الصورة دائما من الخارج، عندما نشاهد كم هي رائعة تلك الأنثى التي تبقى من أجل من تحب.. ولكن نادرًا ما يتم تسليط الضوء على كمية المعاناة والألم الذي يعانيه من يعتني بمريض ..

“الإنسان ثقيل”، قد لا تستوعب حقًا هذا المعنى حتى تجد نفسك مريض، وقد أصبحت أقل تفاصيلك الحياتية اليومية في يد أحدهم، ستشعر بالعجز وكم أصبحت عبئ عليهم.

أنا عاشرت الحالتين، المرض الجسدي والمرض النفسي والعقلي مع أمي، كان الجميع يُلقي بمسئولية العناية بها عليّ بدون مساعدة حقيقية، كأنه أمر طبيعي فأنا ابنتها، والا “لماذا تم انجابنا؟” هكذا كان أبي يوضح لي في كل مرة هذه الجملة بإعتبارها حقيقة كونية لا جدال فيها ..

أنت بجسدك وروحك ومشاعرك ملك أبوك وأمك فقط لأنهم أنجبوك، لكي تقوم بخدمتهم في كل المناسبات وحدك ولن يسمح لأحد بتقديم يد المساعدة فهذا الأمر مخصوص بالأبناء وتحديدًا الفتيات… الإناث فقط.. لا أعرف متى صدر هذا الدستور الذي أصبح في منزلة المقدسات لا يرغب أحدهم في تغيير نصوصه.

أفلام مثل A Beautiful Mind و The Theory of Everything قد تجد بعض صور المعاناة بالعناية بشخص مريض، وكيف تذبل، كيف تتراجع حياتك في مقابل حياة الآخر، حاجاتك وألمك وخوفك يقع قاع قائمة طويلة من احتياجات ومراعاة هذا المريض ..

تقع في حيرة أنك ترغب أن يشعر المريض بالثقة في نفسه وأنه مالك أمره، ولكن القلق يتآكلك خوفًا أن يتوقف عن أخذ الدواء فترتد حالته للأسوأ.. غير مسموح لك أن تنهار .. قد تحولت فجأة لظل .. ظل لجسم آخر له حياة أخرى.

يلعب المجتمع على وتر الضمير، أن يشعرنا أننا لو صرخنا طلبا للمساعدة، أو إيداع المريض في دار رعاية أو مستشفى، أو أنهرنا تحت الضغط، أو قررنا الهرب بعيدًا لبعض الوقت أننا بهذا قد تحولنا لأوغاد عديمي الإحساس …

لماذا لا نتشارك الوجع.. العائلات موجودة ليست فقط في الميراث، وفي السمعة، وفي الزيارات العائلية المملة .. ولكن العائلة هي من تقف معا لصد العاصفة الجديدة التي ضربت المكان .. فبدلا من أن تخلف أموات وعوالم منهارة .. ستخلف بعض الآثار التي سنزيلها ونكمل الطريق.

تحية لكل فتاة و شاب يعتنوا بمريض أو شخص كبير في العمر .. لكم مني كل المحبة والدعوات.

#أبناء
#الإعتناء_بالمريض
#حقوق_المرأة
#مطالبة_بالمساواة

2 Comments

  1. Meera Reply

    العائلات موجوده كصوره فقط.
    ليس كل من يحمل دمنا قريبا.
    ولله الحمد هناك من يختلفون واقرب من نسخه جينيه لا فائده منها

    • Omnia

      بالفعل، قرب الشخص وأهميته في حياتنا غير مرتبط بكونه من الدم والجينات كما يحاول المجتمع إقناعنا
      وأنه يجب علينا البقاء على العلاقات العائلية المسيئة لمجرد إنهم من العائلة، والضفر ميطلعش من اللحم والكلام الفاضي دا .. بالعكس فيه أصدقاء أحن وأطيب وأكثر فائدة في حياتك من أقرب فرد في العائلة.
      الفكرة بس في الإحباط والصدمة أن حد المفروض يبقى قريب فيطلع وغد ..
      شكرا جدا على مرورك وتركك رد هنا
      (^0^)

Leave a Comment