رحلتيْ لبنان 2013 – اليوم التاسع والأخير

::Photo credit goes to its owner::

وهاقد حان الكلام عن اليوم الأخير في الرحلة ..

وأنا أرتدي ملابسي استعدادًا للخروج لبدء اليوم مع أختي كنت في مود ” إن هذا آخر يوم لنا في لبنان”

لم أكن أوَلوِل من بداية الرحلة إن الأيام تمر سريعًا وأن هناك ملايين الأشياء التي أريد عملها وتجربتها وقولها وعيشها .. فهذا شيئ مُكرر للغاية من الرحلة السابقة … ما كنت أفعله وقتها هو إنني كنت أحاول قضاء اليوم كما هو .. بما استطيع الحصول عليه.. فالذكريات ستظل بجانبي.

لذا فاليوم كله لن تكون فيه أماكن جديدة، بل هي أقرَب لـ يوم للذكريات في لبنان.

بداية اليوم كالمعتاد كانت في كافيه “كاريبو” لنُحضر سطلنا الكبير المعتاد من الشاي الأخضر حرصًا على الا نُصاب بدور برد مُحترم في آخر يوم لنا ..

قررتُ أن أذهب لكوافير كونها فرصة ذهبية كوني في بلد مشهورة بالعارفين والموهوبين في مجال الأزياء وتصفيف الشعر ..

في الطريق رأينا صالون بالمصادفة، فقررت الدخول وسؤالهم عمّا لديهم للشعر، قالوا أنهم لا يقومون بعمل “كيراتين” .. ولكن لديهم تقنية ما عبارة عن عبوات صغيرة تسمى “كريستال” العبوة الواحدة بـخمسين دولار ، اقوم بوضعها على شعري ثم اظل أربع ايام أقوم حينها بتمرير مكواة للشعر على شعري وبهذا سيظل شعري ابن ناس لمدة شهر ونصف فقط، أملس يعني.

ثم أعيد الكرّة عندما تعود التموّجات مرة أخرى .. وهذا يعني أنه يجب أن اشتري العديد من تلك الزجاجات لأنني لن أتمكّن من شرائهم وانا خارج البلاد.

وانهم سيقومون بوضع أول عبوة لي الآن وسأدفع 20 دولار مقابل خدمتهم بالاضافة لثمن العبوة، وطالما شعري تموّجاته شديدة لذا سيقوموا بإضافة بعض “الكراتين” – الذي كان مُضرا منذ قليل من وجهة نظرها ! – لكي يساعد في فرد الشعرة قليلا وهذا معناه فلوس أكثر بالطبع 😀 .

لم أوافق على هذا الإقتراح.. فلن أدفع كل هذا المبلغ في شيئ سأضطر للقيام به كل شهر وفي النهاية لا اعرف هل سيؤذي شعري أم لا.

انطلقنا في طريقنا وسط الأمطار الشديدة بسبب قرب قدوم إعصار “إليكسا”، حيث لم نجد تاكسي لأن الطريق معظمه متوقف بسبب الأمطار كعادة معظم الدول لما بتحتاس في المطر .. لذلك ركبنا أول باص وجدناه يذهب منطقة “الدورة ” حيث وجدنا هناك كوافير صغير – للأسف لا أذكر اسمه لأنه كان ترشيح من أحد أصدقائي –

صاحبته سيدة لطيفة، تفهّمت مشكلتي وحاولت مساعدتي.. أخبرتني انها لن تضع لي “كيراتين” لأنه مؤذي.

لسبب ما ، في لبنان الوحيدين الذين يتحدثون عن أن الكيراتين مؤذي رغم أن العالم كله الآن يُصنّع الشامبوهات الجديدة بتلك المادة بل و بيتفشخروا بيها في الإعلانات .. وجميع الكوافيرات يقدموه.

وقد أخبرتني أنها ستقوم بعمل شيئ آخر اسمه بالفرنسية اعتقد على غِرار “كريتيفاج ” أو شيئ على هذه القافية 😀

خلال وقتي هناك انقطع النور مرتين وعاد، ولكن الشارع والمكان تسوده حالة من الطبيعية والهدوء فهو أمر روتيني للغاية.. فعندما قُطعت الكهرباء عرفوا كم الساعة بدون النظر فيها .. وجلسوا يحتسون القهوة وهم يعرفون متى ستعود الكهرباء بالضبط.

العملية اللولبية التي تمت على شعري لمن يهمه الأمر كانت عبارة عن :

(أولاً قامت بغسل شعري ثم وضعت تلك المادة وأخبرتني أن أظل مُتسمّرة على الكرسي ساعة كاملة

بحيث كل ربع ساعة ستأتي لتُمشط شعري للتأكد أن التموّجات تختفي .. بعدها تم غسل شعري من تلك المادة ثم وضعت عليه قطرات دواء ما وتسمّرت مرةً أخرى على الحوض لساعة .. ثم تم غسله مرة أخرى وتبقىّ اختيار تصفيفة شعر معينه تناسبني … وقد أوضحت أن العملية كلها ستتم على البارد لأن استخدام سخونة السيشوار/ أو Hair Straighteners سيؤذي الشعر).

عرفتُ من الحديث الدائر حولي إن المحل يُغلق عادةً في الساعة السابعة مساء، ولقد جاءت السابعة بالفعل ولكن صاحبة المحل كانت تُريد إنهاء ما طلبت تمامًا لأن هذه هي فرصتي الأخيرة حيث سأسافر في الغد وهي تُريدني ان أغادر مرتاحة نفسيًا غير قلقة وهو ما أحترمته للغاية منها.

أنهيْت الأمر وأنا سعيدة بالنتيجة غادرتهم بعد الكثير من الشكر .. انتظرت لإيقاف تاكسي

فجأة وقفت سيّارة ملاكي أمامي .. فنظرتُ لها بعدم فهم .. قلت له: تاكسي؟

قال نعم .. نظرت للسيارة مرة اخرى .. هي لا تشبه التاكسي المعتاد ..

ففي لبنان رغم أنه لا يوجد موديل معين ولا لون محدد للسيارات يعمل كـ تاكسي ولكن هناك أنواع مشهورة وهذه كانت مختلفة تمامًا.

لذا تقدمت ناحية مقدمة السيارة وإنحنيت لأرى لوحة السيارة بوضوح مستعينة بضوء السيارة ذاته الذي أعماني تمامًا .. فرأيتها لوحة حمراء .. اذن هو تاكسي بالفعل .. لذا عدت له مرة أخرى منشكحة وجلست وقلت له عن وجهتي مع توضيح إنه “2 سرفيس” يعني 4000 ليرة – كون المسافة أبعد من المسافات الأخرى، لذا تضاعف كلمة “سيرفس” – اعتذرت للسائق إني تأخرت في الركوب فأخبرني إن هذا حقي أن أتاكد فلا مشاكل.

تعشّينا جميعًا في قعدة حميمة مع الأصدقاء، حيث طهوْنا معًا في منزل أحدهم .. ثم قررنا أن نكمل السهرة في مطعم وبار Bardo

المكان كان هادئ للغاية .. والأنوار كلها تقريبا مضاءة في المكان ..

تلك الإضاءة الصفراء المنتشرة في كل أنحاء لبنان لدرجة إنني سأفقد الرؤية جراء هذه النوعية من الإضاءات ..

أين الاضاءات ذات اللون الأبيض “الفلورسنت” في هذه البلد .. “إضاءة غُرف النوم” تلك تشعرني بالاكتئاب والنعاس.

ولأننا كنا في يوم عمل لذلك لم نجد ساهرين كُثر.. مجرد 3 أشخاص على البار .. وشخصين ناحية اليمين.. ونحن أكبر جروب داخل المكان.

الموسيقى هادئة وأغنيات كلاسيكية والجو حميم مختلف تمامًا عن ليلتنا الأولى هناك ..

كنت سعيدة إنه أمكنني أن أحضر ليلتين مختلفتين تمامًا في مكان مميّز مثل هذا.

أخرجت “الأونو” لنلعب بها جميعا .. ونحن نلعب.. كان هناك فيلم أبيض واسود أجنبي يُعرض على الشاشة .. لم أكن مُتابعة له .. ولكن بعض المشاهد التي كنت أراها مصادفة كانت مؤثرة للغاية .. كان هناك مشهد بعيد لبيت في ريف إنجليزي هادئ .. كان يصف شعوري تمامًا وقتها ونحن نلعب ونضحك ونتحدث مع صحبة العُمر ..

قررت طلب شاي أخضر .. فأحضر لي الجرسون علبة كبيرة كُعلب الهدايا مميزة الشكل بها مكعبات صغيرة من الشاي مختلفة النكهات .. كان شكلها جميل للغاية وأعجبني… وقد أحببت أنه في كل مرّة أتذوق فيها الشاي الأخضر يكون له مذاق قوي واضح وليْس مثل تلك العبوات الجاهزة في السوبرماركت.

أصدقائي قاموا بطلب حلوى البانكيك والعصائر .. كانت الطلبات كلها لذيذة الطعم وكانت سهرة حنين تناسب آخر أيامي في لبنان فكان وداع لطيف أنهيناه بالتمشية في شارع الحمرا منتصف الليل، حيث الهدوء وبعض نسمات الهواء الباردة.

بهذا ستظلّ لبنان في الذاكرة، بلد لطيفة .. شعبها مرحاب .. طبيعتها جميلة، رغم أن شوارع مدينتها قد تُشابه مدن أخرى مثل القاهرة مثلاً .. ولكن كان رائحتها وشعورها ومذاقها مختلف تمامًا .. فهي بلد مختلفة في كل شيئ، حتى شعبها يحمل جينات التميّز التي يجعله يصمد رغم كل تلك الصعاب والمحن التي تقطر على تلك البلد الصغيرة.

:::: لقراءة كل يوميات رحلة لبنان .. يُرجى مراجعة التدوينات على هذا الـ Tag من هنــــــا ::::

 

Leave a Comment