أنــــا هنـــا

“أنا هنا”

هو أحد التمارين التي نُمارسها في وِرش الدعم النَفسي.

قِف بشموخ، واضرب الأرض بقدمك وأخبرهم – الحقيقة هي أنك تخبر نفسك – أن “أنا هنا”

من مظهره يمكنك أن تشعر  “يااااه ما تمارين سهلة وبنت حلال أهيه.. طيب قشطة دي تتعمل بصباع رجلينا الصغير”

ولكنَّ الحقيقة أنه ليْس بتلك السهولة إطلاقًا، كنت أسمع صوت ضربات قلبي كأنها طبول أفريقية في إحدى المهرجانات.. متوترة.. قلقة.. خجولة.. أضرب الأرض بقدمي فاكتشف إنني لا أستطيع قوْلها…

يُصرّوا فيزداد توتري.. خوف كبير.. أخبر نفسي مما تخافي؟ قولي…

فأهمس لنفسي.. “أنا هنا”

همسات تدور في عقلي ولا تسمعها أذني.. 

داخلي يصرخ “توقّفي”.. فأجيب نفسي أليْس من المعتاد أن تقومي بكل ما هو مطلوب منك حتى لو لم تكوني بخير؟، حتى لو تشعري بالخوف والرغبة في البكاء، حتى لو كنتي تشعرين أنها تخرج من لسانك مُبعثرة لا تمسُّ قلبك ولا روحك.. فما بالك الآن؟!!

وسطَ كل هذا شعرت أن هناك سبب آخر بالإضافة لما سبق، وبعيدًا عن قدرتي الخارقة أن أدوس على مشاعري وأن اُظهر بشكل هادئ لا يُواجه مشاكل..

هوَ… “لماذا أنتي هنا؟” 

لماذا كل جُمعة تقومين بإرتداء ملابسك وتخرجين في الحر والرطوبة لتقابلي بشر متكدسة يرون أن مساحتك للتنفس هي للرفاهية.. تحاربين نوبات الهلع.. تمشين في شوارع “مُتعفّنة”.. لماذا كل هذا؟

الحقيقة لا أعرف.. ولكن على ما يبدو أنني مُحاربة، أرفض مشاكلي وأرغب حقًا وأبحث بكل قوّتي عن “حياة” وعن “أمنية” وعن “السلام النفسي”

لذا “أنا هنا”.. هنا في ذلك الزمان والمكان وتلك الورشة.. لكي أحاول أن أكون “بخير”

لذا في خضمّ وجعي ضربتُ الأرض مرة عاشرة وقلت “أنا هنا”.. قد لا تكون عالية ولكن عيوني دمعت عندما سمعتها مني..

وقفتُ مُلامسةً الحائط خلفي ونظرت لهم بدهشة وخوف وتوتر.. وسمعت داخلي يتساءل 

“أنا هناااا.. هل تروني حقًا”

لقد عانيتُ من الإختفاء.. لم يرد أحد من عائلتي والمُحيطين بي أن يراني.. يراني حقًا.. يرى أمنية الحقيقية.. كانوا يتجاهلونني تمامًا أو يروني كما يرغبون هم.. بالشكل الذي يريدونني أن أكونه.. لذا كنت دائمًا لستُ “مناسبة” لهم، لا “اُرضيهم”

فجملة “انا هنا” لا تعني فقط إنني هنا في الورشة الآن.. ولكنها تعني أنه أنا بـ ذاتي.. بـ كيْنونتي.. بـ روحي وجسدي.. كلنا هنا

الآن “أنا هنا” رغم رغبتي الحقيقيّة ألاّ أكون في هذا العالم البشع.. بشاعة العالم تجمّعت في دولنا العربية وتحديدًا في مصر .. ولكن للأسف أنا  فعليًّا موجودة حتى لو حاولتُ الإنكار.. من حقّي حتى وإن كنتُ رافضة لهذا الواقع البشع أن أتمكّن من رؤية نفسي وأن أتفّهمها وأحبّها وأثق فيها ، ألاّ  أكون تحت رحمة الناس التي ممكن بسهولة ان تكسرني وتدوس عليّ ، ألاّ اعيش حياتي شاعرةً بالنقص وإنه أنا “لا أكفي” انه “يمكن استبدالي بسهولة” ان “هناك مَن هو افضل \ أذكى \ أقوى منّي “.. أريد أن اتواجد كاملة قوية في حياتي وأن اراني دون أن أنتظر أن يراني غيري..

يا الله، إنني موْجوعة فخفّف عني وقوّي نفسي لكي أُكمل مشواري، أن يأتي اليوم الذي أكون راضية عن تلك اللوحة التي تجمّعت من قطع وجعي وروحي حتى لو كان باللوْحة شروخ فدعني أراها كاملة وأقف وأقول لنفسي.. يااااه هيّ دي “امنية”.

Leave a Comment