الدراما نافذتنا على العالم

أذكر في مراهقتي عُرض فيلم لا أذكر منه شيء سوى مشهد وحيد، عندما تقدمت مراهقة ببلاغ ضد “حبيبها” بإغتصاب، حيث كانت مخمورة تمامًا وبعد انفرادهم ببعض في أحدى الغرف وتقبيل بعضهم البعض، تطور الأمر لأن يكمل هذا الشاب الإقتراب منها غصبا رغم قولها “لا مرارًا”.

يتكرر الأمر معي بعد عام عندما أشاهد فيلم تحكي فيه فتاة – تعمل في تقديم عروض تعري – عن إغتصابها من مجموعة شباب في حفلة عزوبية خلال تقديم عرضها، وكيف المحكمة تطرح الأمر بتفهم داخل جدرانها.

وجود تلك النماذج في السينما مقدمة لنا على هيئة أفلام ومسلسلات، تكون لها فائدة كبيرة جدا في تبديد الجهل، فأنا تلك الطفلة الصغيرة لم يكن في مجتمعي ولا عائلتي من يحكي لي عن “الحدود الشخصية”، وماذا يعني أن من يتعداها “مجرم” يجب التبليغ عنه وسجنه، وأن كلمة “لا” ليست مجرد كلمة تحتاج لكلمات أخرى لتكون مفهومة، بل هي جملة مفيدة واضحة ومفهومة.

فعرفت “إمكانية” الإعتراض وعدم قبول ما يخبرني به المجتمع أنه “خطأ الفتاة وحدها”، كأن يطرح مبررات مثل “لماذا كان على الفتاة شرب الكحول”، “لماذا قبلت أن يكون لها صديق حميمي/حبيب من الأساس”، “لماذا تمارس مهنة حقيرة كالتعري”، “ماذا كنتي تتوقعي من رجل أمام سذاجتك؟”

“لا تعني لا” .. في أي مكان وزمان، وفي أي ظروف تكون تلك بديهيات ولكن مع “المرأة” تتحول تلك الجملة لشيء مائع نسمع فيه تفسيرات وإقتراحات ومناقشات.

الكتب والسينما والمسرح من وسائل تغيير المجتمع وتثقيفه، تحكي بديهيات وتبدد الجهل التام بالأمور حولنا…

أنا أدين للسينما والتليفزيون بالكثير، فلقد عرفت الحياة عن طريقهم، وأتمنى أن تقوم السينما والدراما العربية من وعكتها والذكورية التي أحتلتها، وأن تكون عيوننا على الحياة الحقيقة وليس تلك المشوهة.


#سينما
#تحرش
#إغتصاب
#لا_تعني_لا

Leave a Comment