خواطري عن كارثة اليابان 2011

رغم مرور سنوات طويلة على الكارثة اليابانية في 2011 بعدما اصبحت كلمة ( زلزال اليابان ) غير مُعبرة عن تلك الكوارث والعذابات التى شهدها اليابانيون البواسل..
الا إنها المثال الحي الذي يظل أمام عيني عندما تمر أي بلد بكارثة قوية كتلك ..

وخاصة مع بلادنا العربية التي تخبرنا في صدمة “كيف يمكن أن نهتم بالمرأة وقضاياها الآن/ قضايا البيئة/أطفال الشوارع/الأسعار أي قضية من الآخر طالما نحن نعاني من كارثة ما.

سأحكي لكم بعض من خواطري وقت استقبالي لهذا الخبر، وكيف إنها تجربة تستحق أن تُحكى.

في 11 مارس 2011 واجه إقليم “توهوكو” زلزال عنيف وتسونامي أدوا في نهاية الأمر لمشاكل في المفاعل النووي بفوكوشيما.

لقد كنت ادور كالمجنونة بين القنوات التليفزيونية العربية لمتابعة اي تغطيات محترمة عن ما يحدث في اليابان .. ولكن للأسف تلك القنوات ابتعدت عن دورها الحقيقي في كونها قنوات اخبارية لتصبح قنوات عربية فقط …

لم اجد ضالتي سوى في قناة JSTV اليابانية الخالصة والتى تبث على القمر الاوروبي حيث كانت مشفرة في السابق ولكن بلطفهم تركوها مفتوحة طوال الازمة التي استمرت شهور على مدار 24 ساعة في 24 ساعة ..

حتى لو لم افهم حرفًا ولكن يكفي أن أسمع أصواتهم وأرى بشرًا يتحركون بعد كل ما يحدث + NHK world المُتحدثة بالانجليزية والتي كانت كل القنوات الاخبارية العالمية تذيع تغطياتها نقلاً عنها كون تغطياتها متميزة في تقاريرها وتنقلها كل ما يحدث من اصغر موقف لاكبر حدث ..

كانت هناك عمليات الانقاذ وتقارير عن الضحايا واللاجئين بقصصهم البسيطة التى تمدنا بالطاقة ونحن الجالسين امام الشاشات نراهم بقوتهم وعزمهم ووقوفهم بجانب بعضهم البعض في هذا الموقف الرهيب ..بل بإبتساماتهم المُشجعة من وسط دموعهم ووجوههم المصدومة مما يواجهونه.

الكثير والكثير من القصص والتقارير التى كانت تدب فيّ الحماس بعدما كان اليأس يتملكني من حين واخر في كيفية خلاصهم من كل هذه المصائب فأبكي قهرا وحزنا عليهم..

الجميع في اليابان، من أصغر فرد لأكبر عجوز كانوا يتكاتفون من أجل المواطنين الآخرين رغم أن القطاع المُصاب بعيدا جدا عن طوكيو العاصمة حيث يتواجد الفنانين والمغنيين وشركات الإنتاج .. لم يخبرهم أحد أن ينسوا عملهم وعيب عليكم أن تظهروا في التلفاز .. بل كل فرد منهم يقوم بعمل ما يعرفه.

أقيمت الحفلات الغنائية الخيرية لجمع التبرعات، الحفلات كانت بالطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء للحفل والمتبقى تم إرساله للقطاع الذي كان يعاني من إنقطاع في الكهربا..

الممثلين قاموا بعمل مسرحيات ومسلسلات تخفف الوجع عن الأحياء، وتبث فيهم القوة.

كما أرسلوا رسائل على جوالات الشعب تخبرهن أنكم لسوا وحيدين، نحن معكم، وأنه لو كان مجهودا فرديا سنقوم به فهو سيحدث تغير للافضل وأن علينا ان نكون اقوياء اكثر وان نصمد اكثر واكثر ..

الجميع في كل القطاعات الأخرى غير المتضررة والبعيدة قاموا بترشيد الكهرباء والماء، فصلوا الأجهزة الكهربائية، كانوا يشترون احتياجاتهم بإقتصاد شديد واليوم بيومه لترك بقية المنتجات للآخرين وسفرها للقطاع المتضرر.. لم يكن هناك زحام في أي مكان يقدم خدمات والبضائع بل طوابير واحترام.

تم فتح أبواب التبرعات من خارج البلاد، راسلنا نحن فانز اليابان شركات الأنمي وشركات الإنتاج والمواهب والفنانين بكلمات داعمة مثل (نيهوووون هيتوري جاناي/ أي اليابان لن تكوني وحيدة – نيهون..جامباتيه كودساي/ ابذلي يا يابان جهدك)

من وقت تلك الكارثة التى اصابت اليابان الحبيب، وأنا لا إراديا ارشّد استخدامي في كل شيئ وخاصة الكهرباء والمياه بالرغم انني اتبعت هذه السياسة منذ فترة .. ولكنني الان اقوم بهذا بشكل اوضح وأقوى بكثير.

وقتها جاء يوم الأرض، شاركت فيه لأول مرة من أجلنا جميعا، فقد علمتني اليابان أن أحب غيري في البلاد البعيدة.

على عكس ما كانت أمريكا بغباء تعلمنا إياه، أننا وقت الكوارث ستكثر السرقات، والقتل والزحام وسيموت الناس دهسا عند حدوث أي مصيبة.. علمتني اليابان أن من يغذي أطفاله وشبابه بالمحبة وبذل الجهد سيضمن أن تكون بلاده بخير مهما واجهوا.

لقد ضربت اليابان مثلا للجميع على الإحترام والإستقرار والتعاون والمحبة في وقت كان الجميع يتوقع أن تنهد البلاد على رؤوسهم ..

#تدوينة_كل_يوم
#أكتب_حتى_أكون_بخير
#أكتب_لكي_لا_أكون_وحيدة
#منعا_لتخزين_الحكايات

Leave a Comment